منذ حوالي الـ 5 سنوات اعتادوا أن يتجمعوا في نهاية كل يوم على ( قهوة بلدي أو كافي شوب ) ، كان هذا التجمع لا يقل عدده عن ( بدون مبالغة ) الـ 15 - 20 شخص، كانوا جميعهم من الأصدقاء المقربين، من الممكن أن يزداد العدد لكنه لا يقل، بل مع مرور الوقت تجد أن العدد في تزايد مستمر، كان تجمعهم لا يخلو من المرح والنقاش الحاد في بعض الأحيان والهاديء في أحيانٍ أخرى، كانوا يتناقشون في كل الأمور، الهام منها والتـافه
، يمرحون، يضحكون من قلوبهم، ( يألشوا على بعض )، كان هذا التجمع يزيل عنهم الهموم والعناء الذي اعتادوا أن يواجهوه منذ استيقاظهم كل صباح حتى موعد تجمعهم، مازالوا شبابًا كلٌ منهم له حلمه الخاص الذي يريد أن يُحققه ولعل هذا التجمع يزيل تلك الأتربة التي تتجمع طوال النهار على قلبه ليذهب كلٌ منهم إلى بيته آخر كل ليلة ليس عليه ذرة غبار ليستيقظ في الصباح قادرًا على مواصلة مشواره.
فجأة قرر أحدهم أن يتركهم ويسافر إلى دولة من دول الخليج ليبحث عن لقمة عيش ألذ من تلك التي ملّ من أكلها في وطنه والتي أصبحت تسبب له تقرحات في حياته، تجمعوا جميعًا ليلة سفره ليودعوه ويتمنوا له التوفيق، ويمر الوقت، كل منهم مهتم بعمله أو دراسته، لكن مهما كانت اهتماماتهم وانشغالهم بحياتهم الشخصية لا يمنعهم ذلك من التجمع كل ليلة، إذ كيف يكون باستطاعتهم مقاومة كل ما يواجهونه طوال اليوم إلم يكن عندهم أمل في تلك السهرة التي تهون عليهم كل شيء !!
فجأة، قرر آخر أن يكرر تجربة الأول في السفر، لم لا ؟!! فليجرب ذلك الحلم الذي يُحلق في سماء أحلام أي شاب في عمره، أليس هذا ما نشأ عليه؟ تجمعوا في ليلة سفره ليودعوه ويتمنوا له التوفيق.
ويمر الوقت بهم، بعد مدة أقصر من الأولى قرر ثالث أن يخوض التجربة، فالحال في استياء، والآمال كلها مبنية على السفر إلى دولة خليجية وحلم الثراء والعيش الرَغَد.
مع مرور الوقت أصبحت تجمعاتهم ليست لمشاركة الأفكار أو الهموم أو حتى الضحك أو التسلية، بل أصبحت أغلب تجمعاتهم لتوديع فرد منهم، كل أسبوع، كل شهر، كل سنة.
أصبح ذلك المسافر وهو يودع اصدقاءه كلٍ بطريقته، يسلم على أحدهم ويأخذه بين أحضانه هامسًا في أذنه : هتوحشني، مستنيك هناك بقى.
فيرد عليه بكل ثقة : لا ياعم أنا مبفكرش في السفر دلوقتي خالص،
لكنه بعد بضعة أشهر يجد نفسه يحزم حقائبه وفي اتجاهه إلى المطار ليقابل صديقه الذي اخبره أنه سيكون في انتظاره في يومٍ من الأيام، لم يكن يتوقع أن الانتظار لن يدوم طويلاً بهذا الشكل.
في نهاية المطاف، تمرُ على تلك القهوة التي اعتادوا الجلوس عليها لتجد بقايا تلك الصُحبة وقد أصبح عددها لا يزيد في أحسن الأحوال ( أيام المناسبات ) عن الــ5 أفراد على أكثر تقدير،حتى ما بقي منهم أصبحت هموم الحياة ومشاكلها ومشاغلها ومشكلة البحث عن لقمة عيش لا توفر لك الحياة اللتي تتمناها ولكنها تمنعك من التسول، تشغلهم جميعًا وتجعل تجمعهم كل ليلة ليس بالسهولة كما كان.
في تلك الليلة قرر اثنان من تلك البقية الباقية أن يخوضوا نفس الرحلة التي أصبحت واجبة على كل شاب يعيش في هذا البلد، لكنهم للأسف لن يجدوا تلك المجموعة الكبيرة لتودعهم، لأنهم ببساطة هم من ودعوا السابقين قبل سفرهم، فما هم إلا لاحقون لهم، لكنها بعض الكيلومترات والدقائق حتى يصبحوا في كنفهم، ليبدؤوا رحلة البحث عن الحياة الكريمة التي لم يجدوها في وطنهم، وليتركوا ما تبقى منهم ليفكروا جيدًا في اللحاق بهم، عاصرين اكتافهم بقوة أثناء لحظات الوداع قائلين نفس الجملة التي قيلت لهم من قبل : هتوحشني، مستنيك هناك بقى.
يجلس أحدهم بعد توديع آخر اثنين قررا السفر ليفكر في تلك البلد، ذلك الوطن الذي أجبر كل هذا العدد من أولاده في هذا العدد القليل من السنوات أن يتركوه ويرحلوا غير آسـفين على شيء .
اصبح يشعر أنه غريب في وطنه، يقتله احساس الغربة وهو في وطنه وبين أهله، فعدد اصدقاءه بالخارج اضعاف اضعاف عدد من مازال منهم معه.
هل هذا الوطن يُحب أولاده، أم أنه لا يبالي بهم ؟!!، أم أنه يحبهم ولكنه لا يملك القدرة على الاحتفاظ بهم؟!!،فهل هذا حب ؟!! أم أن هذا الوطن كالأم التي أنجبت طفلها وهي تحبه لكنها لا تجد مالاً لتنفقه عليه لأن زوجها قد سلبها كل أموالها وتركها هي ووليدها، فلا يكون منها إلا أن توُدعه أقرب دار أيتام او ملجأ ودموعها تُغرق تلك الخرقة البالية التي تلف بها هذا الصغير البائس ؟!!
ولكن هل هذا الوطن حقًا يذرف دمعة واحدة على أبناءه الذين يتركونه ويفرون منه كل يوم ؟!!
لن يفكر طويلاً لأنه يعلم أنه لن يجد إجابة..........
فجأة قرر أحدهم أن يتركهم ويسافر إلى دولة من دول الخليج ليبحث عن لقمة عيش ألذ من تلك التي ملّ من أكلها في وطنه والتي أصبحت تسبب له تقرحات في حياته، تجمعوا جميعًا ليلة سفره ليودعوه ويتمنوا له التوفيق، ويمر الوقت، كل منهم مهتم بعمله أو دراسته، لكن مهما كانت اهتماماتهم وانشغالهم بحياتهم الشخصية لا يمنعهم ذلك من التجمع كل ليلة، إذ كيف يكون باستطاعتهم مقاومة كل ما يواجهونه طوال اليوم إلم يكن عندهم أمل في تلك السهرة التي تهون عليهم كل شيء !!
فجأة، قرر آخر أن يكرر تجربة الأول في السفر، لم لا ؟!! فليجرب ذلك الحلم الذي يُحلق في سماء أحلام أي شاب في عمره، أليس هذا ما نشأ عليه؟ تجمعوا في ليلة سفره ليودعوه ويتمنوا له التوفيق.
ويمر الوقت بهم، بعد مدة أقصر من الأولى قرر ثالث أن يخوض التجربة، فالحال في استياء، والآمال كلها مبنية على السفر إلى دولة خليجية وحلم الثراء والعيش الرَغَد.
مع مرور الوقت أصبحت تجمعاتهم ليست لمشاركة الأفكار أو الهموم أو حتى الضحك أو التسلية، بل أصبحت أغلب تجمعاتهم لتوديع فرد منهم، كل أسبوع، كل شهر، كل سنة.
أصبح ذلك المسافر وهو يودع اصدقاءه كلٍ بطريقته، يسلم على أحدهم ويأخذه بين أحضانه هامسًا في أذنه : هتوحشني، مستنيك هناك بقى.
فيرد عليه بكل ثقة : لا ياعم أنا مبفكرش في السفر دلوقتي خالص،
لكنه بعد بضعة أشهر يجد نفسه يحزم حقائبه وفي اتجاهه إلى المطار ليقابل صديقه الذي اخبره أنه سيكون في انتظاره في يومٍ من الأيام، لم يكن يتوقع أن الانتظار لن يدوم طويلاً بهذا الشكل.
في نهاية المطاف، تمرُ على تلك القهوة التي اعتادوا الجلوس عليها لتجد بقايا تلك الصُحبة وقد أصبح عددها لا يزيد في أحسن الأحوال ( أيام المناسبات ) عن الــ5 أفراد على أكثر تقدير،حتى ما بقي منهم أصبحت هموم الحياة ومشاكلها ومشاغلها ومشكلة البحث عن لقمة عيش لا توفر لك الحياة اللتي تتمناها ولكنها تمنعك من التسول، تشغلهم جميعًا وتجعل تجمعهم كل ليلة ليس بالسهولة كما كان.
في تلك الليلة قرر اثنان من تلك البقية الباقية أن يخوضوا نفس الرحلة التي أصبحت واجبة على كل شاب يعيش في هذا البلد، لكنهم للأسف لن يجدوا تلك المجموعة الكبيرة لتودعهم، لأنهم ببساطة هم من ودعوا السابقين قبل سفرهم، فما هم إلا لاحقون لهم، لكنها بعض الكيلومترات والدقائق حتى يصبحوا في كنفهم، ليبدؤوا رحلة البحث عن الحياة الكريمة التي لم يجدوها في وطنهم، وليتركوا ما تبقى منهم ليفكروا جيدًا في اللحاق بهم، عاصرين اكتافهم بقوة أثناء لحظات الوداع قائلين نفس الجملة التي قيلت لهم من قبل : هتوحشني، مستنيك هناك بقى.
يجلس أحدهم بعد توديع آخر اثنين قررا السفر ليفكر في تلك البلد، ذلك الوطن الذي أجبر كل هذا العدد من أولاده في هذا العدد القليل من السنوات أن يتركوه ويرحلوا غير آسـفين على شيء .
اصبح يشعر أنه غريب في وطنه، يقتله احساس الغربة وهو في وطنه وبين أهله، فعدد اصدقاءه بالخارج اضعاف اضعاف عدد من مازال منهم معه.
هل هذا الوطن يُحب أولاده، أم أنه لا يبالي بهم ؟!!، أم أنه يحبهم ولكنه لا يملك القدرة على الاحتفاظ بهم؟!!،فهل هذا حب ؟!! أم أن هذا الوطن كالأم التي أنجبت طفلها وهي تحبه لكنها لا تجد مالاً لتنفقه عليه لأن زوجها قد سلبها كل أموالها وتركها هي ووليدها، فلا يكون منها إلا أن توُدعه أقرب دار أيتام او ملجأ ودموعها تُغرق تلك الخرقة البالية التي تلف بها هذا الصغير البائس ؟!!
ولكن هل هذا الوطن حقًا يذرف دمعة واحدة على أبناءه الذين يتركونه ويفرون منه كل يوم ؟!!
لن يفكر طويلاً لأنه يعلم أنه لن يجد إجابة..........
أحمد الدسوقي
28/11/2012