جـميع المواد المنشورة في هذه المدونة تـخـضع لقوانين حـماية حـقوق الملكية الفكرية وأي نـقـل أو إقتباس دون ذِكـر المصدر قـد يُعرضـُـك للمسائلة القانونية - ما أكتـُـبه في هـذه المدونة قـد لا يعـني لك شيئاً ،، لكنهُ بالتأكـيد يعني لـيّ الكثــير ...................ء

الاثنين، 18 يونيو 2012

الضَــيـَـــــــــاع




شارد الذهن

 يَـعُـدُّ حَبَــات الأرز في الطبق أمامه؛ دون أن يأكل,

يُفكر بعمق لدرجة أنه لم ينتبه إليها وهي تقول لـه وعليها علامات السعادة : أريد أن أرقص,أريد أن أغنى؛لا أستطيع أن أتمالك نفسي من السعادة كلما تذكرتُ أننا سنتزوج بعد يومين فقط من الآن وسنسافر إلى الخارج لنعيش سوياً إلى الأبد. لقد قدمتُ إستقالتي من العمل وجهزتُ كل أوراقي من أجل السفر.
لم يسمع كلمة مما قالته 
نـَغـَـزَتــهُ بأصابعها قائلةً بدلال : ما الذي يُـشـغِلُ فِـكرَ حـبـيـبـي ؛ بالتأكيد إنه أنا ؛ لا تـُنـكِـر.
وضع الملعقة ونظر إليها نظرةً أطاحتْ بالإبتسامة من على شفتيها وبالفرحة من وجهها؛

نظرتْ إليه بحنان وقالت له : ما بـِكَ ياعُـمري ؟ ألستَ سعيداً مثلي ?!!!
أبعدَ عينيه عنها وقال لها:أريد أن أخبرك بشئ
أرتعش جسدُها من كلماته دون أن تعرفَ السبب وتناولتْ كوبَ الماء من أمامها لتداري مخاوفها؛

قال لها: لا يمكننا أن نتزوج

لم يُـكمِـل كوب الماء طريقه إلى فمها؛ توقفَ جسدُها عن الحركة تماماً؛ وربما قلبها أيضاً.
أكمل قائلاً : لا أستطيع أن أتركَ زوجتي؛ تلكَ المرأة التي أحبتني وبذلتْ من أجلي كل شئ؛ لا أستطيعُ أن أكون ذلك الرجل الذي يُـقابل كل هذا الحُـبّ والوفاء بالإساءة والخيانة ؛ لا يمكن أن أطـَلِـقـُها بهذه البساطة وأترُكـُهَا وأسافر؛ خصوصاً أنها لم تـُنجـِـبْ أطفال وسأتركها وحيدة.

أطاحتْ بالكوب فأغرقتْ وجهه بالماء وسط دهشة مَــن بالمكان وصرختْ : وأنا ، ألم تـُـفكر فـيّ ؟ ألن تتركني وحيدة أيضاً ؟
إذا كنت لن تستطيع فعل ذلك من البداية ؛ لِـمَ ظللتَ تتلاعبُ بمشاعري طوال سنتين ؟ لِـمَ جعلتني أضيع من عمري سنتين في حُـبّـكَ ؟ وسأضيعُ الباقي في محاولة نسيانك
لماذا الآن؟

- أنا أيضاً أحِـبُّــكِ لكني لن أستطعَ أن.......

- أخرس؛ لن تستطيع ماذا؟ كل مافي الأمر أنك أناني ولا تحبُ سوى نفسك؛أنت لمّ تـُحِـبُـنِي قطـّ؛حتى زوجتك التي ستتركني وتعودُ إليها؛لا تـُحِـبُـهَا

- أياُ كان لنّ أتركها ؛هي لا تستحق مني ذلك.

- وعملي الذي تركتـُه من أجلك؛وحياتي التي كنتُ سأتركـُها خلفي من أجلك؟ وأنا؟ أأستحق منكَ ذلك؟ ولماذا أخبرتني من قبل أنك قادر على تركها ؟!

- أنا آسف على كل ماسببته لكي من أذى،لكني لا أستطيع فعل ذلك , هي لم تقدم لي سوى الخير والحنان طوال السنوات الثلاث الماضية, صدقيني , لن أستطيع, لقد كنت أفـتـقِـدُ إحساسَ الأبُــوّةَ , لكني سوف أقنعها بعمل الفحوصات والعلاج اللازم.

- لماذا الآن ؟!!؟

لم يُــجب عليها

بصعوبة بالغة وقفت على قدميها وأمسكتْ حقيبتها 
وقالت والدموع تغرق وجنتيها: أنا مصدومة ؛أنت أحقر إنسان قابلته في حياتي؛
لكني للأسف؛مازلت أحبك.
وانصرفت.

بكل هدوء تناول منديلاً ومسح وجهه.

فقد كان يتوقع أكثر من ذلك؛لكنه موقف كان لابد أن يحدث.

ترك الحساب على الطاولة وهَـمّ بالإنصراف قبل أن يسمع صوتَ مكابح سيارة وتهشم زجاج وصراخ بالخارج.

***
ارتعدَ قلبه وخرج مسرعا ليرى ماحدث ،،ليجد المارة وقد تجمعوا ؛؛ ويرى جسدها يسبحُ في بركة من الدماء أمام سيارة يقف سائقها في حالة من الإنهيار وهو يصرخ مقسماً أنها هي من ألقت بنفسها أمامه فجأة،ويف بجواره أحدُ المارة يؤيد كلامه.


أفاق من حالة الذهول التي أصابته وركض إليها

حملها بين ذراعيه

حرك جسدها بقوة
ونادى عليها بأعلى صوته
لكن

كان الموت أسرع من الصوت.

*******

حاملاً مفتاح بيته بإحدى يديه وباليد الأخرى يحمل تلك الهدية التي أحضرها من أجل زوجته،
أيا كان مايحمله قلبه من حزن على ماحدث فليس لزوجته أي ذنب في ذلك.
لقد مــرّ أسبوع على الحادث
كان ينتوي أن يذهبَ لها في نفس الليلة لكن بعد الحادث لم يستطع

فقد كان يحب حبيبتة التي ماتت أيضاً

يحبها بجنون
لكنه لم يستطع أن يترك زوجته من أجلها لأنها لم ترتكب في حقه أي إثم يجعله يترُكها وحيدة

لقد أتصل بها وأخبرها أنه سيذهب في عمل لمدة أسبوع حتى يستطيع أن يستجمع قواه مرة أخرى ويذهب إليها
سوف يقدم لها الهدية راكعاً تحت قدميها طالباً منها أن تسامحه على مامضى؛ وسيخبرها أنه يحبها جداً.

فتح الباب
وما أن دخل وأبتسم لم يجدها
إنها المرة الأولى التي لا يجدها في إنتظاره عندما يعود

هل بدأ المللُ يتسرب إليها من كثرة الإنتظار فخلدت إلى النوم مبكراً هذه الليلة  ؟

لا يهم

سوف يوقظها
وسيقبل أناملها
ولن يتركها أبداً
تقدم إلى غرفة النوم

فتح الباب ليجد المفآجأة

وجد الغرفة مرتبة؛والفراش خالي

خرج من الغرفة وبحث عنها في جميع أرجاء المنزل فلم يجدها.

لقد تركت المنزل ؛هي التي لم تخرج دون إذنه منذ الزواج.

دخل ليبحث عنها في غرفة الطعام فوجدها قد أعدت له العشاء قبل أن تنصرف؛

وتركت له خطاب فوق المنضدة.

"زوجي العزيز،لا أعلم من أين أبدأ،هل أبدأ بإخبارك أني أحبكَ جداً،أم بإخبارك أني أعلم بخيانتك لي،نعم،أحَسَهَا قلبي منذ عامين؛وعلى مر الأيام كان إحساسي يتأكد؛
وأعلم الآن أنك معها , ليس أسبوع عَمَل كما إدعيت
مثله كسائر أسابيع العمل التي إدعيتها من قبل وكنت أتصل بعملك لأجد أنك في أجازة؛سنتين وأنا أعلم أنك تخونني؛كنت أنتظرك كل مساء وأتزين لك وأنا أعلم أنك مع أمرأة أخرى؛
كم هو صعب ذلك الشعور؛
لم أستطع أن أواجهك ؛ خفت أن تتركني
سنتين وأنا أتعذب؛ ولا أقوى على الكلام
عزيزي؛
هناك بعض الأسرار أود أن أصارحك بها:
 منذ سنة و10 أشهر وأنا أعاني أرق مزمن؛لم أعُــد أستطع أن أنام ,
عندما كنت تنظر إلىَّ وأنا بجوارك على السرير وتتوهم أني نائمة وتخرج هاتفك وتظل تتحدثان سويا طوال الليل؛
عزيزي , لم أكن نائمة؛كنت أسمع كل كلمة تقولها لها؛كم تمنيت أن أنام ؛أو أموت وقتها فلا أسمعُ حديثكما؛كم تمنيت أن أصرخ؛لكني لم أستطع؛

كنت أنتظر حتى تـُنهي حديثك وتنام فأنهض لأخذ أقراصي المنومة التي أخفيها عنك والتي لم أعُـد أنام بدونها؛وأعود إلى فراشي لأبكي حتى أغرق في النوم؛

سنة و 10 أشهر ؛؛؛ كم هي مدة طويلة وكم هو شعور قاسي.
هناك شئ آخر لابد أن تعرفه
فحوصات الحمل اللتي لطالما تشاجرتَ معي كي أجريها وكنت أرفض؛لقد أجريت تلك الفحوصات بعد أربعة أشهر من زواجنا وأكد لي الأطباء أني مستعدة للإنجاب في أي وقت ولا توجد لديّ أية مشاكل تمنعني من الحمل والإنجاب؛
عزيزي ؛المشكلة لديك أنت؛
لم أخبرك بذلك كي لا أجرحُ كبريائك كرجل.
أتذكـُـر عيدُ ميلادك الأخير ؟ أنا أذكـُره جيداً
عندما وجدتَ هدية في جيب معطفك فأسرعت إلى الحمام وأخرجتَ هاتفكَ وأتصلتَ بها كي تشكرها بحماس على تلك الهدية؛

كنت أنا عند الباب أسمع صوتك؛يبدو أنك من فرط حماسك وسعادتك لم تنتبه إلى صوتك العالي؛

عزيزي؛

أنا من وضع لك تلك الهدية في جيب معطفك وليست هي؛ولا أعلم لماذا لم تنكر وضعها للهدية في جيب معطفك.
لا عليك؛فأنا لو مكانها ربما لم أكـُـن لأفعل ذلك.
لم أرد أخبارك كي لا أذهب عنك السعادة التي رأيتها على وجهك.

بها تحقق مرادي من الهدية
كم هو صعب ذلك الإحساس
كم بكيت من ليالي وكم دعوت الله أن ينزع حُـبَـكَ من قلبي كي أستريح؛ لكني لم أستطع؛
كل يوم كنت تخرج من البيت أظل أنا أصلي وأدعو الله  كي تعود إليّ؛كان يكفيني أنك تعودُ إلي كل ليلة حتى وإن كنت قادم من عند إمرأة أخرى؛
يكفيني أنك بجواري؛إذا احتجت إليك سأجدك؛
حتى سمعتك وأنت تتكلم معها عن سفر وعلمت أنك قد نويت أن تتركني؛

ولكن كيف؟ أنا لن أستطع العيش بدونك

أعلم أنك ستسافر خلال هذه الأيام , لكني لا أعلم الموعد تحديداً

سمعتك وأنت تتفق معها على كل شئ
لا أعلم كيف سأعيش بدونك
ما كان يقويني على جرحي هو أنك بجواري
تعود إلىّ كل ليلة
لكن الآن ؟ بعد أن تسافر ؟
من سأنتظره كل ليلة ؟
لن أستطيع العيش بدونك صدقني
لذا قد فكرت وقررت القرار الصائب
أعلم أن الأسبوع الذي تقضيه معها سينتهي اليوم
أنك سوف تعود هذه الليلة
لكن كالعادة في وقتٍ متأخر

للمرة الأولى لن تجدني في إنتظارك يا حبيبي
وكم هذا يعذبني
سوف أذهب إلى منزل والدي
ستجد طعام العشاء مُــعَدّ على الطاولة مع أني أعلم أنك تتناول عشاءك كل ليلة معها
لكني أعتدت على ذلك
سوف أخبرهم أن عملك قد أستدعى سفرك وأني سوف أقيم عندهم بضع ليالي
لا تقلق يا عزيزي 
لن أخبر أحداً بسرك
كما حفظته من قبل سأحفظه إلى الأبد
سوف أقيم في غرفة طفولتي مرة أخرى
وأعود إلى سريري الذي طالما حلِمتُ عليه بفتى أحلامي
تعلم عزيزي أني لا أستطيع النوم بدون أقراصي المنومة
لكني هذه الليلة لن آخذ قرصاً واحداً ككل ليلة
سوف أبتلع كل الأقراص دفعةً واحدة
سوف أريح نفسي من هذا العذاب إلى الأبد
لأني لا أستطيع العيش بدونك
أنت لا تفهمُ ذلك
لقد أخترت بيتي وفراشي القديم كي أموت عليهم
لأني حقاً أفتقد تلك الأيام
وكي أبعد عنك عناء إخبار الجميع بخبر وفاتي والأسباب

قد يتصلون بك ليخبروك بموتي قبل أن تقرأ هذا الكلام وقد يخبروك بعد أن تقرأه
في جميع الأحوال أودُ أن أخبرك أني أسامحك
وأني فعلت ذلك لأني لم أستطع أن أتحمل أكثر من ذلك"

............................


وقبل أن يـُــبعد عينيه عن آخر كلمة 

دقَّ جرسُ الهاتــــف




هناك تعليقان (2):

  1. جامدة جداً
    تحفة
    ملهاش حل
    الوصف رائع وتسلسل الأحداث جميل

    go on

    ردحذف
  2. ليه كمية النكد دى كلها دفعة واحدة كدا

    بس اسلوبك رائع كالعادة يا بنى ... تسلم الايادى

    ردحذف